آخر الأحداث والمستجدات
تنامي ظاهرة التحرش الجنسي الى أين ؟
التحرش يرتضي الأخبار بمحمول وهو الجنسي ،انه ثورة الحداثة وامتداد مسكوت عنه من الماضي ...إن فعل تحرش يحمل معنى التعنيف القائم بين سادية ذكورية ،ومعنفة بالتحرش الجنسي /الجسدي الأنثى ...
كثر الحديث عن التحرش الجنسي حتى أصبح أمرا نعايشه في حياتنا الجماعية والفردية ...ولكن لازلنا نقف عند وصفه كظواهر تنمو بكثافة دون تحريك ساكن إلا بالتنظير المعياري ،و بخطاب علوي المقام في حضرة التحول الطفيلي للقيم المجتمع...
البحث عن أسباب التحرش الجنسي تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة، وتتلون ألفاظه وممارساته بالتلون بألوان حرباء الفساد الاجتماعي...فإذا كانت الهشاشة الاجتماعية عاملا محركا للفساد ....فأنها بنفس الوقت تلعب دور الموجه للتحرش بكل أشكاله...ان تدني المستوى المعيشي/او انعدامه كليا لهوامش مكناس والوطن ، لهو المشتل المخضر للتحرش. فالبحث عن الترقي الاجتماعي من حيث تقليد نمط عيش الطبقة البورجوازية بالمدينة أضفى على الأمر بورصة متحركة الأرباح بالاتجار في اللحم البشري علانية....هنا نحدد العامل الاقتصادي كمرجعية أولية للتحرش /الفساد ...
لكن الأمر الأخص الذي يمكن اعتباره دينامو محرك للتحرش هو الردة الفكرية التي أصابت المجتمع المغربي ،ردة بنيتها رجة اتية من صدمة الحداثة، وزاد الأمر سوء بتدني مستوى الوعي كمنتوج نحصد نتائجه من- (الجهل ) - الأمية المتفشية بالمجتمع، والتي لا زالت سلطتها تحكم المجتمع بديكتاتورية الانحراف نحو الفساد باتساع مفهومه عمقا واتساعا.
فالإخفاق في الإقلاع الحداثي -(اقصد التنمية المستدامة بالمدينة حسب منطلقاتها المرجعية ) - وبعملية تسلسلية افرز لنا سلوكات دخيلة ،همت ازدواجية القيم بين الوافد الغربي وبين الأصيل الوطني المتخلى عنه ، وبطغيان الأول بأغلب الأحيان ....
فتقليد السلوكات الغربية من حيث اللباس /الكلام /الممارسات / التفكير/القيم ...أضحى السمة الطاغية في التفاعل الاجتماعي .... فلم يكن التحرش الجنسي الا تلك المرآة المقعرة التي تعكس وتفضح الواقع بكل تبرج،وما خفي أسوء.... و حتى لا نلبس – بضم الحرف الأول - الانبهار بالغرب /المتحدي لنا، كل فعل تحرشي فاسد، ونعتبره المسجب الذي نعلق عليه جميع إخفاقاتنا الفاحشة ،بل فعل التحرش كان يمارس وبسرية "احتشام" ان لم نقل بوجوده كمسكوت عنه بشقيه عذري /إباحي ان صح القول بالتشبيه...
فعندما نتحدث عن كيفية معالجة الأمر نغرف من معين الدين في بابه الأخلاقي كسلوك معياري ، ونمطط القول فيه بالتنظير والأحكام والعلل والأسباب ،بينما الأمر يحيلنا الى واقع اجتماعي اكثر فسادا مما نتوقع ...لا ننكر المعالجة الدينية للوضعية كوسيط أخلاقي ، ولكن ننكر كيفية تصريفها على ارض الواقع كخطاب ممعير تنظيري والفئة المستهدفة منه تعلوها الأمية الدينية والجهل المعرفي . بل يرتضي الأمر معالجة ذات مقاربة شمولية تستوضح الاسباب وتستوثق منها وتنزل الحلول بإجرائية عملية تزاوج بين النصح الفقهي المصاحب كدعم أخلاقي /قيمي، وتوطين البدائل ذات المنشأ الاجرائي المباشر من حيث تجفيف مستنقع الفساد بثيمته الأولية التحرش الجنسي المفضوح ....
إن معالجة الهشاشة /الفقر بتنمية مستديمة عادلة في بعدها الاجتماعي، لهي البدء الأسلم الاولي لمعالجة آفة التحرش الجنسي ،إن الاستفادة من ثروات الوطن بالتوزيع العادل بين المواطنين هو تجفيف لكفر الفقر ....هو الحل الأمثل للكف عن بيع اللحم البشري على قارعة شوارع مدينتنا ووطننا ....
لم يكن تشبيهي للتحرش الجنسي ببورصة القيم ،تشبيها للترف التعبيري، وإنما مرد ذلك الى سوق مفتوحة في شوارعنا الراقية / أزقتنا الشعبية.... توفر العرض أكثر من الطلب ....لذا اعتقد ان عملنا الإصلاحي الإجرائي يجب أن ينصب على تقويم العرض بإصلاحه من حيث الرقي المادي/ الامتلاك الأخلاقي الديني / العفة الأخلاقية /التوعية كبوابة للإحصان .....
ما أثار انتباهي هو الطفرة النوعية لسلبية التحرش بعد مدونة الأحوال الشخصية الجديدة ...فهل للمدونة يد في الأمر بتقنينها لعملية التعدد في الزواج ؟ بجعلها الطلاق كمشة من التعويضات المادية توضع بيد المرأة المطلقة ؟ بجعل المرأة في خانة المظلومين ، بينما الأمر كان يستوجب مقاربة المناصفة الأولية الحاضنة لمقاربة النوع .الوعي بشعب ظاهرة التحرش نمتك مفاتيحه الكاملة لكل الأبواب المدخلة إليه لكننا نجهل سبل إغلاقها وتصريف المعالجة الصحيحة للعودة الى العفة الخلقية ...
الأسباب كثيرة بكثرة الردة الفكرية والأخلاقية التي نعيشها ،بانزلاقنا نحو تمثلات للقيم محاذية لتقاليدنا وأصالتنا...ارتضي الانكباب على إصلاح يجمع بين الخطاب المعياري الديني من حيث ترسيم الخلق والقيم ، وإصلاح اجتماعي من حيث تحسين الوضع المعيشي للمواطنين بضمان سبل العيش الكريم دون امتهان أقدم حرفة...
الكاتب : | محسن الاكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2013-08-02 17:11:38 |